تطوّر المهن ونشأة دورة التّكوين المهني في مدينة رأس الوادي


مدينة رأس الوادي (Ras El Oued) حاليا أو تامالولا (Thamallula) في الحقبة الرومانية 200 سنة قبل الميلاد أو توكفيل (Tocqueville) أثناء الحقبة الكولونيالية نسبة إلى (Alexis-Henri-Charles Clérel, vicomte de Tocqueville) الفيلسوف والسياسي الفرنسي (المولود بباريس 29 جويلية 1805 والمتوفّى في كان 16 أفريل 1859).

رأس الوادي،

المدينة لطالما كانت مركزا لتجمّع البشر، فالأراضي الخصبة كانت ولا تزال قبلة للسّكان، وطريقا تمرّ بها القبائل.
لن نتحدّث هنا عن تاريخ مدينة رأس الوادي في العهد المغربي القديم، ولا في عهد موريتانيا السّطايفية إنّما سيتركّز الحديث حول نشأة وتطوّر حركة التّكوين المهني في منطقة رأس الوادي، والبداية دون شكّ سترتبط بالعهد الاستعماري أين نشأت مدينة توكفيل (Tocqueville) كمركز سكنيّ للمعمّرين (الكولون)، وما تبع ذلك من إنشاء مرافق حيويّة منها العناية بالصّناعة وتكوين اليد العاملة المؤهلة.

في 23 جانفي 1883،

بعث الجنرال سوسييه (Saussier)  قائد الفرقة المسلّحة 19 إلى الحاكم العام للجزائر رسالة يخبره فيها بأنّ الوضعية النّقدية للصّناعة الخيلية في الجزائر (L’industrie chevaline) تتطلّب الخلق المستمر لمستودعات تربية الحيوانات الدّاجنة في المستعمرة، ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الأملاك العامة لرأس الوادي لتصلح مكانا للتغذية، قريبا من برج بوعريريج، وعلى مقربة من طريق كبير وسكة حديد.

عام 1895، 

بدأت القرية تعمر، واسم توكفيل (Tocqueville) صار اسما بديلا لرأس الوادي.

سنة 1901، 

بلغ عدد سكان رأس الوادي أو توكفيل حوالي أربعمائة نسمة، و قد أسند العمل للأهالي فاشتغلوا بالزّراعة المتقنة وتربية الحيوانات الدّاجنة، وقد سمح ذلك بتحسين المستوى المعيشي للمعمّرين (الكولون)، دون أن ينعكس ذلك على الأهالي الذّين كانوا يعتبرون بمثابة اليد العاملة الرّخيصة.

سنة 1911،

كان ميلاد مؤسسة فوسفات مزيتة Entreprise Phosphates M’zaita  التّي أعلنت استغلالها لحوالي 1856 هكتار تقع بجبل مزيتة في استخراج الفوسفات ومعالجته، كان ذلك إعلانا لميلاد تكوين وتشغيل اليد العاملة المنجميّة
بعد ذلك، وفي ظرف عشر سنوات فقط تمّ استخراج وتصدير أكثر من 374 ألف طن بفضل التربينة أو الأداة الدوّارة العملاقة لتحويل قوّة الهواء، كان التّصدير باتّجاه فرنسا، بلجيكا، ألمانيا وسويسرا.

سنة 1911،

صدرت مذكّرة إدارية تعلن توكفيل بلدية مختلطة تضمّ أيضا تكستار الواقعة على بعد 14 كم. بمرور الوقت، ازدهرت القرية حيث عرفت السّوق الأسبوعي كلّ يوم ثلاثاء (تغيّر بعدها ليصبح يوم الأربعاء، ولا يزال هكذا إلى يوم النّاس هذا)، كما عرفت المهن المختلفة، حيث كان من المعمّرين والأهالي بدرجة أقلّ، المزارعين ومربّي المواشي والجزّارين وتجّار العقاقير والنجّارين والمقاولين والنّاقلين وعاملي المناجم المستغلين للفوسفات، وسائقي التاكسي، وغيرها من المهن المختلفة.

في حدود سنة 1940، 

صارت المنطقة تضمّ عددا مهمّا من السّكان وصل إلى أكثر من 5000 نسمة يمثل الأهالي منهم حوالي الثلثين، فيما لم يكن الأوربيّين يمثّلون نسبة كبيرة، من بين هؤلاء اشتهر الحرفيّون المشتغلون بالنّسيج (البرنوس، الأغطية)، وصناعة الأحذية الخاصّة بالأهالي، كما تطوّر التّعليم المهني أين تمّ تكوين ميكانيكيين في تصليح المركبات والخرّاطين والحدّادين والبنّائين...

سنة 1947، 

تمّ ربط المركز المنجمي لبئر حمّودي بتوكفيل (رأس الوادي حاليا)؛ وصلت قدرته الإنتاجية إلى أرقام هائلة، وبلغ عدد العاملين به إلى 4500 عامل بين الأوربيين والأهالي، بأجر شهري بلغ 5 ملايين فرنك فرنسي. في هذه الفترة بالتّحديد تمّ إدخال الكهرباء للقرية، كما تمّ تزويد التجمّعات السّكنية في توكفيل مركز وبئر حمّودي وطوملة بالكهرباء.

عن كتاب،

LES HAUTS PLATEAUX SETIFIENS - SETIF de VILLARD Maurice et BASSARD Yves

أحمد بلقمري بتصرّف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أجهزة دعم وتشغيل الشباب

أجهزة دعم وتشغيل الشباب